كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

وهؤلاء يقولون: إن الله ليس فوق العرش، لم تكن هذه مشهورة عند هؤلاء.
ومن المعلوم باتفاق هؤلاء وغيرهم، أن الأنبياء لم يقدحوا في هذه القضايا، ولا أخبروا بما يناقضها، بل أخبار الأنبياء كلها توافق هذه القضايا.
والقرآن والتوراة والإنجيل فيها من الموافق لهذه القضايا ما لا يحصيه إلا الله.
وكذلك في الأخبار النبوية والآثار السلفية، بل لا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم قول يناقض إثبات هذه القضايا.
وابن سينا وأمثاله مقرون بان الكتب الإلهية إنما جاءت بما يوافق مذهب المثبتة للصفات والعلو، بما لا يناقض ذلك، وهم يسمون ذلك تشبيهاً، ويقولون: الكتب الإلهية إنما جاءت بالتشبيه، ويجعلون هذا مما احتجوا به، كما قد حكينا كلامه في ذلك، وأنه احتج بذلك على هؤلاء الذين وافقوه على نفي الصفات والعلو.
وقال: إذا كان هذا التوحيد حق، والأنبياء لم تخبر به بل بنقيضه، فكذلك في أمر المعاد، فكيف يزعم من هذا أن السنن الشرعية والديانات الحقيقة منعت هذه أن تكون مشهورة.
فعلم أن المانع لشهرتها هو قول لم يوجد عن الأنبياء وأتباع الأنبياء، وأن شهرتها إنما امتنعت بين هؤلاء الذين ابتدعوا قولاً ليس مشروطاً،

الصفحة 104