كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

وحينئذ فيكون المانع من شهرتها عند من لم تشتهر عنده سنة بدعية لا شرعية، وديانة وضعها بعض الناس، ليست منقولة عن نبي من الأنبياء.
ولا ريب أن المشركين والمبدلين من أهل الكتاب لهم شرائع وديانات ابتدعوها ووضعوها، وتلك لا يجب قبولها عند العقلاء، وإنما يجب أن يتبع ما يثبت نقله عن الأنبياء المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم.
وكذلك قوله إنه: (يثلم في شهرتها العلوم الحكمية) .
فيقال له: قد نقل غيرك من الفلاسفة القدماء أنهم كانوا يقولون بموجب هذه القضايا، كما بين ذلك ابن رشد الحفيد وغيره، بل المنقول عن متقدمي الفلاسفة وأساطينهم بل أرسطو، وعن كثير من متأخريهم، القول بما هو أبلغ من هذه القضايا، من قيام الحوادث بالواجب، وما يتبع ذلك، كما تقدم نقل بعض ذلك عنهم.
وقوله: (ولا يكاد المدفوع عن ذلك يقاوم نفسه في دفع ذلك، لشدة استيلاء الوهم) .
فيقال له: هذا يدل على تمكنها في الفطرة، وثبوتها في الجبلة.
وأنها مغروزة في النفوس، فمن دفع ذلك عن نفسه لم يقاوم نفسه، ولم يمكنه دفعها عن نفسه.

الصفحة 105