كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

بمحلها، كما يمكن الإحساس بأمثالها من الأعراض، كالعلم والقدرة والإرادة وغير ذلك.
لكن نحن لا نحس الآن بهذه الأمور بالحس الظاهر، وعدم إحساسنا الآن بذلك، لا يمنع أن الملائكة يمكنها الإحساس بذلك، وأنه يمكننا الإحساس بذلك في حال أخرى، وأنه يمكن كل واحد أن يحس بما في باطن غيره، كما يمكنه الإحساس الآن بوجهه وعينه، وإن كان الإنسان لا يرى وجهه وعينه، فقد يشهد الإنسان من غيره ما لا يشهده من نفسه، وقد بسط الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع.
وأيضاً فالحس نوعان: حس ظاهر يحسه الإنسان بمشاعره الظاهرة فيراه ويسمعه ويباشره بجلده، وحسن باطن كما أن الإنسان يحس بما في باطنه من اللذة والألم، والحب والبغض، والفرح والحزن، والقوة والضعف وغير ذلك.
والروح تحس بأشياء لا يحس بها البدن، كما يحس من يحصل له نوع تجريد، بالنوم وغيره، بأمور لا يحس بها غيره.
ثم الروح بعد الموت تكون أقوى تجرداً، فترى بعد الموت وتحس بأمور لا تراها الآن ولا تحس بها.
وفي الأنفس من يحصل له ما يوجب أن يرى بعينه ويسمع بأذنه ما لا يراه الحاضرون ولا يسمعونه، كما يرى الأنبياء الملائكة ويسمعون

الصفحة 108