كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

كلامهم، وكما يرى كثير من الناس الجن ويسمعون كلامهم.
وأما من يقول بعض الفلاسفة: إن هذه المرئيات والمسموعات إنما هي في نفس الرائي لا في الخارج، فهذا مما قد علم بطلانه بأدلة كثيرة، وقد بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع.
ومن كان له نوع خبرة بالجن: إما بمباشرته لهم في نفسه وفي الناس، أو بالأخبار المتواترة له عن الناس، علم من ذلك ما يوجب له اليقين التام بوجودهم في الخارج، دع ما تواتر من ذلك عن الأنبياء.
وكذلك ما تواتر عن الأنبياء من وصف الملائكة هو مما يوجب العلم اليقيني بوجودهم في الخارج، كقصة ضيف إبراهيم المكرمين، ومجيئهم إلى إبراهيم، وإتيانه لهم بالعجل السمين ليأكلوه، وبشارتهم لسارة بإسحاق ويعقوب ثم ذهابهم إلى لوط، ومخاطبتهم له، وإهلاك قرى قوم لوط، وقد قص الله هذه القصة في غير هذه الموضع.
وكذلك قصة مريم وإرسال الله إليها جبريل في صورة بشر حتى نفخ فيها الروح، وكذلك قصة إتيان جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «تارة في صورة أعرابي» .

الصفحة 109