كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

ينفي قول من يقول: إنه في كل مكان، لأنه إن جوز وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه، ولا يقبل الإشارة إليه، لم يمكنه مع هذا السلب أن ينفي قول من يقول: هو في كل مكان لا الجسم مع الجسم، ولا كالعرض مع العرض أو الجسم، فإنه إذا احتج على نفي ذلك بأنه لو كان في كل مكان للزم احتياجه إلى محل، أو نحو ذلك، قال له المنازع: هو في كل مكان، وهو مع ذلك لا يحتاج إلى محل، فإن المحتاج إلى المحل إنما هو العرض أو الجسم، وهو ليس بجسم ولا عرض، بل هو لا مماس للأشياء ولا مباين لها، إذ المماسة والمباينة من صفات الجسم، وهو ليس بجسم.
كما قد يقول: إنه في كل مكان، وليس بحال ولا مماس ولا مباين، فإذا قال النافي: هذا لا يعقل، قال له نظيره الذي يقول: لا داخل العالم ولا خارجه: وقولك أيضاً لا يعقل، فكلا القولين مخالف للمعروف في العقول، فليس إبطال أحدهما دون الآخر بأولى من العكس.
وإنما يمكن أن يرد على الطائفتين أهل الفطر السليمة الذين لم يقولوا ما يناقض صريح العقل.
ومن المعلوم أن من قال: إنه في العالم، مثل كون القائم بنفسه في

الصفحة 145