كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

كمالاً للموصوف، إلا أن تتضمن أمراً وجودياً، كوصفه سبحانه بأنه لا تأخذه ولا نوم، فإنه يتضمن كمال حياته وقيوميته.
وكذلك قال تعالى: {وما مسنا من لغوب} [ق: 38] ، متضمن كمال قدرته.
وقوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سبأ: 3] يقتضي كمال علمه.
وكذلك قوله: {لا تدركه الأبصار} [الأنعام: 103] يقتضي عظمته، بحيث لا تحيط به الأبصار.
وكذلك نفي المثل والكفو عنه يقتضي أن كل ما سواه فإنه عبد مملوك له، ولك يقتضي من كماله ما لا يحصل إذا كان له نظير مستغن عنه، مشارك له في الصنع، فإن ذلك نقص في الصانع، فأما العدم المحض والنفي الصرف، مثل كونه لا يمكن رؤيته بحال، وكونه لا مبايناً للعالم ولا مداخلاً له، فإن هذا أمر يوصف به المعدوم لا يمكن رؤيته بحال، وليس هو مبايناً للعالم ولا مداخلاً له، والمعدوم المحض لا يتصف بصفة كمال ولا مدح، ولهذا كان تنزيهه الله تعالى بقوله: (سبحان الله) يتضمن مع نفي صفات النقص عنه، إثبات ما يلزم ذلك من عظمته، فكان التسبيح تعظيم، له مع تبرئته من السوء.
ولهذا جاء التسبيح عند العجائب الدالة على عظمته، كقوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} [الإسراء: 1] ، وأمثال ذلك.
ولما قال: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون} [الصافات: 180] ،

الصفحة 177