كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

المحل، وهو قول النجارية وكثير من الجهمية، وقول من يقول بالحلول الخاص كالنصارى وغيرهم.
الثاني: أنه بتقدير أن يكون الحلول مستلزماً للافتقار، فأنتم لم تثبتوا غناه عما سواه، فإن طريقة الرازي والآمدي وأمثالهما في إثبات الصانع، هي طريقة ابن سينا في إثبات واجب الوجود، وهذه الطريقة لا تدل على إثبات موجود قائم بنفسه واجب الوجود.
وإن قيل: إنها تدل على ذلك، فلم تدل على أنه مغاير للعالم، بل يجوز أن يكون هو العالم.
ومن طريقهم قال هؤلاء بوحدة الوجود، فإن طريقتهم المشهورة: أن الوجود ينقسم إلى واجب وممكن، الممكن لا بد له من واجب، فيلزم ثبوت الواجب على التقديرين.
وهذا القدر يدل على أنه لا بد من وجود واجب، ومن قال: كل موجود واجب فقد وفى بموجب هذه الحجة، ومن قال: إن الوجود الواجب مع الممكن كالصورة مع المادة أو كالوجود مع الثبوت، فقد وفى بموجب هذه الحجة، بل لا يمكنهم إثبات لوجود واجب مغاير للممكن إن لم يثبتوا أن في الوجود ما هو ممكن يقبل الوجود والعدم.
وهم يدعون أن الممكن الذي يقبل الوجود والعدم قد يكون قديماً أزلياً، ولا يمكنهم إقامة دليل على ثبوت الإمكان بهذا الاعتبار.
ولهذا لما احتاجوا إلى إثبات الإمكان استدلوا بأن الحادث لا بد له محدث، وأن الحوادث مشهودة.

الصفحة 179