كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

وقد تقدم أقوالهم في الوهم ومعناه عندهم والقضايا الوهمية، والمقصود أن يجمع بين النظر في ذلك، وبين ما ذكروه في مقامات العارفين الذي هو أجل ما عندهم، وكثير منه أو أكثره، كلام جيد، ولكن الاقتصار عليه وحده مع ما عندهم، لا يوجب نجاة النفوس من العذاب، فضلاً عن حصول السعادة لها، ولكن كل ما قالوه-هم وغيرهم- من حق مقبول، ويتبين من ذلك الحق وغيره بطلان ما يناقضه من الباطل الذي قالوه أيضاً.

عود إلى كلام ابن سينا في مقامات العارفين في الإشارات
قال ابن سينا: (العارف يريد الحق الأول لا لشيء غيره، ولا يؤثر سيئاً على عرفانه.
وتعبده له فقط، ولأنه مستحق للعبادة، ولأنها نسبة شريفة إليه، لا رغبة لرغبة ولا لرهبة، وإن كانتا، فيكون المرغوب فيه، أو المهروب عنه هو الداعي، وفيه المطلوب، ويكون الحق ليس الغاية، بل الواسطة إلى شيء غيره، وهو الغاية، وهو المطلوب دونه) .

تعليق ابن تيمية
فيقال: هذا الذي قاله من كون الحق تعالى عند العارف هو المراد المعبود لنفسه، لا يراد لغيره، فيكون هو الواسطة إلى ذلك الغير، ويكون ذلك الغير هو الغاية - كلام صحيح، وهو مبادئ ما يتكلم

الصفحة 59