كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي.
فقال: لا يا عمر، حتى أكون أحب إليك من نفسك.
فقال: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من نفسي.
فقال: الآن يا عمر» .
فإذا كان هذا حب الرسول، التابع لحب الله فكيف في حب الله الذي إنما وجب حب الرسول لحبه، والذي لا يجوز أن نحب شيئاً من المخلوقات مثل حبه؟ بل ذلك من الشرك.
قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} [البقرة: 165] ، وهذا هو دين الإسلام الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له.
والعبادة تجمع كمال الحب مع كمال الذل، فلا يكون أحد مؤمناً حتى يكون الله أحب إليه من كل ما سواه، وأن يعبد الله مخلصاً له الدين.
فهذا الذي ذكره في مقامات العارفين هو أول قدم يضعه المؤمن في الإيمان، ولا يكون مؤمناً من لم يتصف بهذا.
وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وعلماؤها على أن الله يحب لذاته، لم ينازع في ذلك إلا طائفة من أهل الكلام والرأي، الذين سلكوا مسلك الجهمية في بعض أمورهم فقالوا: إنه لا يحب ولا يحب.

الصفحة 62