كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

وابن سينا والفلاسفة، وإن كانوا يردون على هؤلاء كما يرد عليه أئمة الدين، فهم أقرب إلى الحق من ابن سينا وأتباعه، كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
وقال طائفة من النظار: إن الإرادة لا تتعلق إلا بمعدوم محدث، وهو ما يراد أن يفعل، فأما القديم الواجب بنفسه فلا تتعلق به الإرادة.
وقالوا: قول القائل: (أريد الله) أي: أريد عبادته، ونحو ذلك.
وقال آخرون: بل الإرادة تتعلق بنفس القديم الواجب بنفسه، كما نطقت به النصوص.
والتحقيق أنه لا منافاة بين القولين، فإن كون الشيء محبوباً لذاته مراداً لذاته: هو أن المحب المريد لم يطلب إرادته لما سواه، بل كان هو أقصى مراده، وإنما يكون الشيء مراداً محبوباً لما للمحب المريد في الاتصال بذلك من السرور واللذة، إذ المحبة لا تكون إلا لما يلائم المحب، فما يحصل عند ذكره ومعرفته والنظر إليه من اللذة هو مطلوب المحب المريد المحب لذاته.

الصفحة 63