كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

أعجب.
وإن كان محسوساً فله لا محالة: وضع، وأين، ومقدار معين، وكيف معين، لا يتأتى أن يحس، بل ولا أن يتخيل إلا كذلك، فإن كل محسوس وكل متخيل فإنه يتخصص لا محالة بشيء من هذه الأحوال، وإذا كان كذلك لم يكن ملائماً لما ليس بتلك الحال، فلم يكن مقولاً على كثيرين يختلفون في تلك الحال.
فإذن الإنسان من حيث هو واحد بالحقيقة، بل من حيث الحقيقة الأصلية التي لا تختلف فيها الكثرة غير المحسوس، بل معقول صرف، وكذلك الحال في كل الكلي) .
فهذا لفظه، وأتباعه مشوا خلفه فأثبتوا ما ليس بمحسوس بإثبات الكليات المعقولة، وقد عرف بالاضطرار أن الكليات لا تكون كلية إلا في العقل لا في الخارج، بل ليس في الخارج كلي البتة، والذي يقال إنه كلي طبيعي لا يوجد إلا معيناً جزئياً، فما كان كلياً في العقل يوجد في الخارج معيناً لا كلياً، كما قد بسط في موضعه.
فهذا الكلام وأمثاله هو الذي يثبت به أن للموجود مبادئ لا يمكن أن يحس بها.
وأما قوله: (إذا كانت للمحسوسات مبادئ كانت غير محسوسة) ، فتلبيس لأن لفظ (المحسوس) يراد به ما هو محسوس لنا

الصفحة 92