كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

موجودين لا بد أن يكون أحدهما مبايناً للآخر أو محايثاً له، كما أنه هو القاضي بأن كل موجودين لا بد أن يقارن وجود أحدهما الآخر أو يتقدم عليه، وأن كل موجود فلا بد أن يكون قائماً بنفسه أو بغيره.
فهذه القضايا الكلية إن سميتها وهمية كانت العقليات هي الوهميات، وإن سميتها عقليات وقدرت تناقضها لزم تناقض العقليات.
واعلم أن هؤلاء قد يجيبون بجواب يمكن أن يجاب به كل من قدح في العقليات الكلية.
وقولك: (فإذا تعديا معاً إلى النتيجة نكص الوهم) .
يقال لك: ما الوهم الناكص: أهو الذي سميته وهماً؟ فذاك إنما يتصور معاني جزئية، فليس له في الكليات حكم: لا بقبول ولا رد فلا يقال فيه: لا يقبل ولا ينكص، كما لا يقال في القضايا الكلية: إن الحس يقبلها ولا يردها، كما لا يقال: إن البصر يميز بين الأصوات، والسمع يميز بين الألوان.
وإن قلت: إن العقل يثبت موجوداً معيناً لا يمكن الإشارة إليه، والوهم لا يتصور معيناً لا يشار إليه.

الصفحة 94