كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

وهذا مذهب أئمة الجهمية، فإنهم يثبتون موجوداً مطلقاً يمتنع وجوده في الخارج، فابن سينا وأتباعه يقولون: هو وجود مطلق بشرط نفي جميع الأمور الثبوتية، وهو أبلغ الأقوال في كونه معدوماً، وآخرون يقولون: هو مطلق بشرط نفي الأمور الثبوتية والسلبية، لا بشرط شيء من الأمور الثبوتية والسلبية كما يقول هذا وهذا طائفة من ملحدة الباطنية ومن وافقهم من الصوفية.
ومن المعلوم أن الوجود المشروط فيه نفي هذا وهذا ممتنع، فكيف بالمشروط فيه النفي؟ فإن ما اشترط فيه العدم كان أولى بالعدم مما لم يشترط فيه وجود ولا عدم، ومما اشترط فيه نفي الوجود والعدم جميعاً؟ وهذا هو المطلق بشرط الإطلاق.
وهم يقرون في منطقهم ما هو متفق عليه بين العقلاء من أن المطلق بشر الإطلاق لا وجود له في الخارج، ويقررون أن الفصول المميزة بين موجودين لا بد أن تكون أموراً وجودية لا تكون عدمية، وهم لا يميزون الوجود الواجب عن الوجود الممكن إلا بأمور عدمية، ومن ظن أن مذهب ابن سينا إثبات وجود خاص بمنزلة الوجود المشروط

الصفحة 96