كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

المشهورات التي ليست بأولية، وتكاد تشاكل الأوليات وتدخل في المشبهات بها) إلى آخره.
يقال له: هذا أيضاً مما يبين قوتها وصدقها، فإنهم اعترفوا بأنها أقوى من المشهورات التي ليست بأولية، وهذه المشهورات عند أكثر العقلاء من العقليات الضروريات، فإذا كانت هذه أقوى منها لزم أن تكون أقوى من بعض العقليات الضروريات، وذلك يوجب صدقها.
وذلك أنه قال: (فأما المشهورات فمنها هذه الأوليات ونحوها مما يجب قبوله، لا من حيث هي واجب قبولها، بل من حيث عموم الاعتراف بها، ومنها الآراء المسماة بالمحمودة، وربما خصصناها باسم المشهورة، إذ لا عمدة لها إلا الشهرة، وهي أن لو خلي الإنسان وعقله المجرد، ووهمه وحسه، لم يؤدب بقبوله قضايا ما والاعتراف بها، ولم يمكنه الاستقراء بظنه القوي إلى حكم لكثرة الجزئيات، ولم يستدع إليها ما في طبعه الإنساني من الرحمة والخجل، والأنفة والحمية، وغير ذلك- لم يقض بها الإنسان طاعة لعقله أو وهمه

الصفحة 99