كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

كالطبيب الحاذق في استعمال الدواء الخطر، إذ لا يضعه إلا في موضعه، وذلك في وقت الحاجة، وعلى قدر الحاجة) .
قلت فهذا كلام أبي حامد، مع معرفته بالكلام والفلسفة، وتعمقه في ذلك يذكر اتفاق سلف أهل السنة على ذم الكلام، ويذكر خلاف من نازعهم، ويبين أنه ليس فيه فائدة إلا الذب عن العقائد الشرعية التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته، وإذا لم يكن فيه فائدة إلا الذب عن هذه العقائد، امتنع أن يكون معارضاً لها، فضلاً عن أن يكون مقدماً عليها، فامتنع أن يكون الكلام العقلي المقبول مناقضاً للكتاب والسنة، وما كان من ذلك مناقضاً للكتاب والسنة، وجب أن يكون من الكلام الباطل المردود الذي لا ينازع في ذمه أحد من المسلمين: لا من السلف والأئمة، ولا أحد من الخلف المؤمنين أهل المعرفة بعلم الكلام والفلسفة، وما يقبل من ذلك وما يرد، وما يحمد وما يذم، وإن من قبل ذلك وحمده كان من أهل الكلام الباطل المذموم باتفاق هؤلاء.
هذا مع أن السلف والأئمة يذمون ما كان من الكلام والعقليات والجدل باطلاً، وإن قصد به نصر الكتاب والسنة، فيذمون من قابل بدعة ببدعة، وقابل الفاسد بالفاسد، فكيف من قابل السنة بالبدعة، وعارض الحق بالباطل، وجادل في آيات الله بالباطل ليدحض به الحق.

الصفحة 165