كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

ولكن المقصود هنا بيان ما ذكره من اتفاق أئمة السنة على ذمه، وما ذكره من أنه هو وطريق الفلسفة لا يفيد كشف الحقائق ومعرفتها، مع خبرته بذلك.
وهو تكلم بحسب ما بلغه عن السلف، وما فهمه وعلمه مما يحمد ويذم، ولم تكن خبرته بأقوال السلف وحقيقة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، كخبرته بما سلكه من طرق أهل الكلام والفلسفة، فلذلك لم يكن في كلامه من هذا الجانب من العلم والخبرة ما فيه من الجانب الذي هو به أخبر من غيره، وذلك أن ما ذكره من أن مضرته هي إثارة الشبهات في العلم، وإثارة التعصب في الإرادة، إنما يقال إذا كان الكلام في نفسه حقاً، بأن تكون قضاياه ومقدماته صادقة، بل معلومة.
فإذا كان مع ذلك قد يورث النظر فيه شبهاً وعداوة قيل فيه ذلك: والسلف لم يكن ذمهم للكلام لمجرد ذلك، ولا لمجرد اشتماله على ألفاظ اصطلاحية إذا كانت معانيها صحيحة، ولا حرموا معرفة الدليل على الخالق وصفاته وأفعاله، بل كانوا أعلم الناس بذلك، وأعرفهم بأدلة ذلك، ولا حرموا نظراً صحيحاً في دليل صحيح يفضي إلى علم نافع، ولا مناظرة في ذلك نافعة: إما لهدى مسترشد، وإما لإعانة مستنجد، وإما لقطع مبطل متلدد، بل هم أكمل الناس نظراً واستدلالاً واعتباراً، وهم نظروا في أصح الأدلة وأقومها، فإن الناظر

الصفحة 166