كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

القسم الثاني، وهي المشاورة التي مدحهم الله عليها بقوله عز وجل {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى: 38] .
وما ذكره الله تعالى عن الأنبياء والمؤمنين من المجادلة يتناول هذا وهذا.
وقد ذم الله تعالى في القرآن ثلاثة أنواع من المجادلة: ذم أصحاب المجادلة بالباطل ليدحض به الحق، وذم المجادلة في الحق بعد ما تبين، وذم المحاجة فيما لا يعلم المحاج.
فقال تعالى: {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق} [غافر: 5] .
وقال تعالى: {يجادلونك في الحق بعد ما تبين} [الأنفال: 6] .
وقال: {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم} [آل عمران: 66] .
والذي ذمه السلف والأئمة من المجادلة والكلام هو من هذا الباب، فإن أصل ذمهم الكلام المخالف للكتاب والسنة، وهذا لا يكون في نفس الأمر إلا باطلاً، فمن جادل به جادل بالباطل، وإن كان ذلك الباطل لا يظهر لكثير من الناس أنه باطل لما فيه من الشبهة، فإن الباطل المحض الذي يظهر بطلانه لكل أحد لا يكون قولاً ومذهباً لطائفة تذب عنه، وإنما يكون باطلاً مشوباً بحق، كما قال تعالى:

الصفحة 170