كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

الجعد بن درهم وغيلان القدري وغيرهما - كان ذلك هو المصلحة بخلاف ما إذا ترك داعياً، وهو لا يقبل الحق: إما لهواه، وإما لفساد إدراكه، فإنه ليس في مخاطبته إلا مفسدة وضرر عليه وعلى المسلمين.
والمسلمون أقاموا الحجة على غيلان ونحوه، وناظروه وبينوا له الحق، كما فعل عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه واستتابه، ثم نكت التوبة بعد ذلك فقتلوه.
وكذلك علي - رضي الله عنه - بعث ابن عباس إلى الخوارج فناظرهم، ثم رجع نصفهم، ثم قاتل الباقين.
والمقصود أن الحق إذا ظهر وعرف، وكان مقصود الداعي إلى البدعة إضرار الناس، قوبل بالعقوبة.
قال الله تعالى: {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد} [الشورى: 16] .
وقد ينهون عن المجادلة والمناظرة، إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة، فيخاف عليه أن يفسده ذلك المضل، كما ينهى الضعيف في المقاتلة أن يقاتل علجاً قوياً من علوج الكفار، فإن ذلك يضره ويضر المسلمين بلا منفعة، وقد ينهى عنها إذا كان المناظر

الصفحة 173