كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

النفاة، وهو أن الرب تعالى لا يقوم به كلام، ولا يقوم به محبة لغيره، فقتله المسلمون، ثم انتشرت مقالته فيمن ضل من هذا الوجه.
والمحبة متضمنة للإرادة، ومسألة الكلام والإرادة ضل فيها طوائف، كما ضلوا في إنكار العلو الذي أنكره فرعون على موسى.
كما قد بسط هذا في موضعه.
ومما يبين هذا أن السلف لم يذموا التكلم بأسماء مفردة: كالجوهر، والجسم، والعرض، فإن الاسم المفرد ليس بكلام، ولا يتكلم به أحد، وإنما ذموا الكلام المؤلف الدال على معان، والذين كانوا يتكلمون بهذه الأسماء كان كلامهم متضمناً لأمور فيها افتراء على الله ورسوله: إما إثبات ما نفاة الله، وإما نفي ما أثبته الله، ومتضمنة لمعان باطلة هي كذب وباطل في نفس الأمر.
والمقصود هنا التنبيه على جنس ما مدحه السلف وذموه، وأنهم كانوا أعرف الناس بالحق وأدلته، وبطلان ما يعارضه، وإنما يظن بهم التقصير في هذا من كان جاهلاً بحقيقة الحق، وبما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم من العلم والإيمان، وبما وصل إليه السلف والأئمة، فجهله بالأول يوجب أن لا يعلم الحق بل يعتقد نقيضه، وجهله بالثاني يوجب ظنه أن ليس فيما جاء به الرسول بيان الحق بأدلته والمناظرة عنه، وجهله بالثالث يوجب ظنه أن السلف ذموا الكلام بالأدلة الصحيحة المفضية

الصفحة 176