كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

هم نصروا بميزان مستقيم، ولكنهم قد يقابلون الفاسد بالفاسد، فإن أعداد الملة قد يقيمون شبهة على نقيض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، كشبهة الدهرية على قدم السماوات، فيقابلون ذلك بفاسد آخر، كاستدلالهم على حدوث ذلك بدليل الأعراض والصفات.
وحفظ مثل هذا الكلام لاعتقاد العوام، كدفع المظلمة عنهم بعقوبات فيها عدوان، ومن ظن أن الخلف أعلم بالحق وأدلته، أو المناظرة فيه من السلف، فهو بمنزلة من زعم أنهم أقوم بالعلم والجهاد وفتح البلاد منهم، وكلا الظنين طريق من لم يعرف حقيقة الدين، ولا حال السلف السابقين.
وهذا مثل كلام الرافضة وأمثالهم من أهل الفرية، الذي يتضمن قولهم التكذيب بالحق والتصديق بالباطل، فهؤلاء فيما يحدثون به من الكذب، ويكذبون به من الصدق في المقولات، بمنزلة أهل الكلام الباطل في البحث والنظر، كالجهمية الذين يكذبون بالحق ويصدقون بالباطل في العقليات.
ولهذا كان غير واحد من السلف يقرن بين الجهمية والرافضة، وهما شر أهل الأهواء، وكان الكلام المذموم عند السلف أعظم من الشهادة بالزور وظلم الحق.

الصفحة 179