كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

ينازع في الأمر المطلق: هل يفيد الإيجاب أم لا؟ فلم ينازع في أنه إذا بين في الأمر أنه للإيجاب يجب طاعته، ولا أنه إذا صرح ابتداءً بالإيجاب تجب طاعته.
ولكن نزاعهم في مراده بالأمر المطلق: هل يعلم به أنه أراد به الإيجاب؟ فهذا نزاع في العلم بمراده، لا نزاع في وجوب طاعته فيما أراد به الإيجاب، فإن ذلك لا ينازع فيه إلا مكذب به.
والمقصود أن حكم النهي لازم للأمة، وأما فعله فقد يكون مختصاً به باتفاق الأمة.
بل قد تنازعوا في تعدي حكم فعله إلى غيره، على ما هو معروف، فإذا أمر المسلمين أو نهاهم أمراً ونهياً علموا به مراده، لم يكن لأحد منهم أن يعارض ذلك بفعله باتفاق العلماء، وإنما يتكلمون في تعارض دلالة القول والفعل، إذا لم يعلموا مراده بالقول، كما تكلموا في «نهيه عن استقبال القبلة واستدبارها بغائط أو بول» ، «مع أنه قد رآه ابن عمر مستقبل الشام مستدبر الكعبة وهو يتخلى» .
فهنا قد يظن بعضهم أن نهيه ليس عاماً بل خاص إذا لم يكن حائل، ويوفق بين القول والفعل، ويظن بعضهم الفرق بين الاستقبال والاستدبار، ويظن بعضهم أن أحدهما منسوخ لاعتقاده التعارض،

الصفحة 54