كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

الإمكان والحدوث والآفات والنقائص، فإن الإمكان من لوازم ما ليس واجباً بنفسه، والحدوث من لوازم المعدوم، وإمكان الآفات والنقائص من لوازم ما يقبل ذلك.
وهذه الصفات صفات كمال لا تستلزم الآفات، بل قد تكون منافية للآفات والنقائص، والمنافي للشيء لا يكون من لوازمه، بل هو مناقض للوازمه، فكيف يجعل المنافي كالملازم؟
والمقصود أن المشركين كانوا يعارضون الرسول بما يتخيلونه مناقضاً لقوله، وإن لم يكن في ظاهر قوله ما يناقض: لا معقولاً ولا منقولاً، فكيف إذا كان ظاهر قوله يناقض صريح المعقول الذي عليه أئمة أرباب العقول، لا سيما إذا كان ذلك المعقول هو الذي لا يمكن تصديقه إلا به؟ فإذا كان قد أظهر ما يطعن في دليل صدقه وشاهده، كان معارضته بذلك أولى الأشياء.
وكذلك أيضاً لما أخبرهم بالإسراء وشجرة الزقوم أنكر ذلك طائفة منهم، وزعموا أن العقل ينافي ذلك.
وأنزل الله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن} [الإسراء: 60] .
وفي الصحيح عن ابن عباس أنه قال: «هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به» .

الصفحة 61