كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

المؤمنين به والكفار من لا يكاد يحصى معارضة لا ترد عليه.
ولم تكن إلا من جهل المعارض، ولم يكن في ظاهر الكلام الذي يقوله لهم ومفهومه ومعناه ما يخالفه صريح المعقول، بل كان المعارضون يعارضون بعقولهم ما لا يستحق المعارضة، فلو كان فيما بلغهم إياه عن الله، من أسمائه وصفاته ونحو ذلك، ما يخالف ظاهره صريح المعقول، لكان هذا أحق بالمعارضة، وكان يمتنع في مستمر العادة أن مثل هذا لا يعارضه أحد: لا معارضة دافع طاعن، ولا معارضة مستشكل مسترشد، فكيف إذا كان ذلك يعارض القضايا العقلية التي بها علموا نبوته، وأنه رسول الله إليهم؟ فكانت تكون المعارضة بذلك أولى أن تقع من الكفار والمسلمين.
أما الكفار فيقولون له: نحن لا نعلم صدقك إلا بأن نعلم بعقولنا أموراً تناقض ما يفهم ويظهر مما تخبرنا به، فالمصدق لك يكون متناقضاً متلاعباً، لا يمكنه أن يقبل بعض أخبارك إلا برد بعضها، وهذا ليس فعل العالمين الصادقين دائماً، بل فعل من يكذب تارة ويصدق أخرى، أو يصيب تارة ويخطئ أخرى.
وأما المسلمون المظهرون للإسلام فقد كان فيهم منافقون، وفي المؤمنين سماعون لهم يتعلقون بأدنى شبهة يوقعون بها الشك والريب في قلوب المؤمنين، وكان فيهم من له معرفة وذكاء وفضيلة وقراءة للكتب ومدارسة لأهل الكتاب، مثل أبي عام الفاسق، الذي كان يقال له أبو عامر الراهب، الذي أتخذ له المنافقون مسجد الضرار.

الصفحة 67