كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

موسى وهارون ابنا عمران، فكان لفظ عمران فيه اشترك، والاشتراك غالب على أسماء الأعلام - نشأت الشبهة، حتى سأل المغيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: «ألا قلت لهم إنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم؟ إن هارون هذا كان رجلاً في بنى إسرائيل سموه باسم هارون النبي» .
فمن كانوا يعارضونه بمثل هذه المعارضة، كيف يسكتون عن معارضته إذا كان الخطاب الذي أخبر به، والمفهوم الظاهر منه - بل الصريح منه الذي لا يحتمل التأويل مخالفاً لصريح العقل، بل مخالفا لما به يعلم صدقه وصدق الأنبياء قبله؟ وهلاً كان أهل الكتاب يقولون له: ما جئت به يقدح في نبوات الأنبياء قبلك، فإنا لا يمكننا أن نصدقك إلا بقضايا عقلية بها يعلم صدق الرسل، وما أظهرته للناس وبينته لهم وأخبرته به يناقض الأصول العقلية التي بها نعلم تصديق الأنبياء؟
واعلم أنه من أمعن النظر في هذا المقام وتوابعه، حصل لهم أمور جليلة:
بطلان قول من يقول: العلم بصحة السمع لا يكون إلا بقضايا عقلية مناقضة للمفهوم الظاهر من أخبار الله ورسوله.
بل بطلان قول من يجعل صريح العقل مناقضاً لأخباره.

الصفحة 69