كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

الأمم المنكرين للصانع، وهؤلاء أجهل الطوائف وأقلهم عقلاً، فلهذا لم تكن العرب تعارض بمثل هذه الشبه، وإنما ذكر الله تعالى نظير قول الجهمية عن مثل فرعون وأمثاله من المعطلة، كالذي حاج إبراهيم في ربه.
ولا ريب أن المعطلة شر من المشركين، والعرب، وإن كانوا مشركين، لم يكن الظاهر فيهم التعطيل للصانع، وإن كان قد يكون في أضعافهم من هو من المرتابين في الصانع أو الجاحدين له، كما في تضاعيف كل أمة، حتى في المصلين من هو من هؤلاء، إذ المنافقون لم يزالوا في الأمة ولم يزالوا على اختلاف أصنافهم.
وإذا عرف أن المقصود بيان فساد قول من يزعم أنه لا يمكن تصديق الرسول إلا بالطريق الجهمية، المناقضة لإثبات ما اخبر من صفات الله وكلامه وأفعاله حصل المقصود.
وأما من قال: إن هذه المعقولات تعارض المفهوم الظاهر من الآيات والأحاديث، من غير أن يقول: إن العلم بصدق الرسول موقوف عليها، كما يقول من يعتقد صحة هذه الطريق: طريقة الاستدلال على الصانع بحدوث الأعراض وتركيب الأجسام، وإن قال إنه يمكن تصديق الرسول بدونها، كما يقول الأشعري نفسه، وكثير من أصحابه، والرازي وأمثاله، وكثير من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية، يوجد شيء من هذا في كلام المحاسبي، وأبي حاتم البستي، والخطابي، وأبي الحسن التميمي، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، وابن الزاغوني، وغير هؤلاء - فإن هؤلاء وجمهور المسلمين يقولون: إنه

الصفحة 73