كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

والداعي يجب وجود المقدور، فكان يجب أن تظهر هذه من أفضل الناس عقلاً وديناً.
فلما لم يكن الأمر كذلك علم أن ذلك كان لفسادها، وأنهم لصحة عقولهم لم يعتقدوها، كما يعتقدوا مذهب القرامطة الباطنية، والرافضة الغالية، وأمثالهم من الطوائف التي يعلم فساد قولهم بصريح العقل.
ومعلوم أن الباطل ليس له حد محدود، فلا يجب أن يخطر ببال أهل العقل والدين كل باطل، وأن يردوه فإن هذه لا نهاية له، بخلاف ما هو حق بصريح العقل في حق الله تعالى، لا سيما إذا كان مما يجب اعتقاده، بل يتوقف تصديق الرسول على معرفته، فإن هذا يمتنع أن تكون العصور الفاضلة، مع كثرة أهلها وفضلهم عقلاً وديناً، لم يعلموها ولم يقولوها.
فعلم بذاك أن هذه المعارضات ليست من العقليات الصحيحة التي هي مستقرة في صريح العقل، بل هي من الخيالات الفاسدة المشابهة للعقليات التي تنفق على طائفة من الناس دون طائفة، كما نفقت على الجهمية ومن وافقهم دون جمهور عقلاء بني آدم.
ولهذا كان أعظم نفاقها على أجهل الناس وأعظمهم تكذيباً بالحق وتصديقاً بالباطل، من القرامطة الباطنية، والحلولية والاتحادية وأمثالهم.
ومن المعلوم أن أهل التواتر لا يجوز عليهم في مستقر العادة أن يكذبوا، ولا أن يكتموا ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فكما أن الفطر فيها مانع من الكذب، ففيها داع إلى الإظهار والبيان، فكذلك ها هنا.
كما أن العقول المتباينة والفطر المختلفة إذا أخبرت عما تعلمه بضرورة أو

الصفحة 76