كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

حس، لم تتفق على الكذب ولا الخطأ، فكذلك أيضاً العقول المتباينة والفطر المختلفة إذا سمعت ما يعلم بصريح العقل وبطلانه وفساده، لم تتفق على الإعراض عن النظر والاستدلال حتى يعرف فساده وبطلانه.
ولهذا لم تظهر في أمة من الأمم أقوال باطلة إلا كان فيه من يعرف بطلان ذلك، فيتكلم بذلك مع من يثق به، وإن وافق في الظاهر لغرض من الأغراض.
ولهذا تجد خلقاً من الرافضة والإسماعيلية والنصيرية يعلمون في الباطن فساد قولهم، ويتكلمون بذلك مع من يثقون به.
وكذلك بين النصارى خلق عظيم يعلمون فساد قول النصارى، وكذلك بين اليهود.
وهذه الأمة قد كان فيها في القرون الثلاثة منافقون لا يعلم عددهم إلا الله، وقد جاورهم من المشركين وأهل الكتاب أمم أخر، وهم طوائف متباينة، فما يمكن أحداً أن ينقل أنه كان قبل الجعد بن درهم وجهم بن صفوان من ظهر عنه القول بأن العقول تنافي ما في القرآن من إثبات العلو والصفات، أو بعض الصفات، لا من المؤمنين، ولا من أهل الكتاب، ولا من سائر الكافرين.
ومن المعلوم أن هذا إذا كان مستقراً في صريح المعقول، فلا بد مع توفر الهمم والدواعي أن يستخرج ويستنبط، وإذا استخرج واستنبط فلا بد مع توفر الهمم والدواعي أن يتكلم به، وإذا تكلم به فلا بد مع

الصفحة 77