كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

عارض به وطعن، كما أن مجرد نقل الناقل ليس دليلاً على صحة ما نقل.
فليتدبر الفاضل هذا النوع من النظر والكلام فإنه ينفتح له أبواب من الهدى، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإن الجهمية النفاة هم من أفسد الناس عقلاً، وأعظمهم جهلاً، وإن كان قد يحصل لأحدهم ملك وسلطان بيد أو لسان، كما حصل لفرعون ونمرود بن كنعان ونحوهما.
ولهذا وصف الله لهؤلاء وأشباههم بأنهم لا يسمعون ولا يعقلون، ومن تدبر الحقائق وجد كل من كان أقرب إلى التصديق بما جاءت به الرسل والعمل به، كان أكمل عقلاً وسمعاً، وكل من كان أبعد عن التصديق بما جاءت به الرسل والعمل به، كما أنقص عقلاً وسمعاً.
ولا ريب أن قول أهل التعطيل والإلحاد، ومن دخل منهم من أهل الحلول والاتحاد، ومن شاركهم في بعض أصولهم المستلزمة، لتعطيلهم وإلحادهم من سائر العباد هي من أفسد الأقوال وأكذبها وأعظمها تناقضاً، وأكثر من الأمور أدلة على نقيضها، من الأدلة العقلية والسمعية، لكان اشتبه بعض أصولهم على كثير من أهل الإيمان فظنوا أن ذلك برهان عقلي معارض للقرآن الإلهي، ولم يعلموا أن البرهان موافق للقرآن ومعاضد لا مناقض معارض، وإن دلائل الآيات والآفاق العيانية موافقة للدلائل القرآنية، إذ كانت أدلة الحق شهوداً صادقين، وحكماً لا يثبت عندهم إلا الحق المبين.
ومن المعلوم أن أخبار الصادقين وشهاداتهم وإثباتاتهم تتعاون وتتعاضد وتتناصر وتتساعد، لا تناقض ولا تعارض، وإن قدر أن

الصفحة 83