كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

ومعصيته، والقدح فيما جاء به ومعارضته، فإن كان المفهوم المعروف مما أخبروا به الناس مناقضاً لصريح العقل.
وهم لو لم يعرفوا أنه مناقض لصريح العقل، فقد وصفهم من قال ذلك من نقص العقل وفساده، بما أجمع الناس على فساده، وإن علموا أنه مناقض لصريح العقل، وأظهروه ولم يبينوه، ولم يذكروا ما يجمع بينه وبين صريح العقل، فقد سعوا فيما به يكذبهم المكذب، ويرتاب المصدق، ويستطيل به أعداؤهم على أوليائهم، فيكون أوليائهم في الريب والاضطراب، وأعدائهم قد فوقوا إليهم النشاب، وحزبوا عليه الأحزاب، وهم لا يستطيعون نصر ما جاء به الرسول بل يطلبون الإعراض عن سماعه، ومنع الناس من استماعه، ولا يفعله إلا من هو من أقل الناس عقلاً.
وإذا كان هؤلاء بإجماع أهل الأرض كاملي العقول والمعرفة، بل أكمل الناس عقلاً ومعرفة، تبين أن الدين الذي أظهروه وبينوا وأخبروا به ووصفوه، لم يكن عنهم مناقضاً لصريح المعقول، ولا منافياً لحق مقبول، بل كان عندهم لا يخالف ذلك إلا كل كاذب جهول.
ومما يوضح الأمر في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ظهر وانتشر ما أخبر به من تبديل أهل الكتاب وتحريفهم، وما اظهر من عيوبهم وذنوبهم، تنزيه لله عما وصفوه به من النقائص والعيوب،

الصفحة 86