كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 7)

التوراة من الصفات على موسى، كانوا يعتقدونها فكذبوها، أو كان مقصودهم إضلال اليهود وبث الكذب فيهم لإفساد دينهم.
قيل: هذا القدر يمكن أن يفعله الواحد والاثنان والطائفة القليلة، ولكن هؤلاء إذا حدثوا به عامة اليهود، مع معرفتهم واختلافهم، فلا بد إذا كان معلوماً فساده بصريح العقل أن يرده بعضهم أو يستشكله، ويقول: إن مثل هذا يقدح في موسى، فحيث قبلوه كلهم علم أنهم لم يكونوا يعتقدون أنه فاسد في صريح العقل.
ومن المعلوم عند أهل الكتاب أن قدماءهم لم يكونوا ينكرون ما في التوراة من الصفات، وإنما حدث فيهم بعد ذلك، لما صار فيهم جهمية: إما متفلسفة مثل موسى بن ميمون وأمثاله، وإما معتزلة مثل أبي يعقوب البصير وأمثاله، فإن اليهود لهم بالمعتزلة اتصال وبينهما اشتباه، ولهذا كانت اليهود تقرأ الأصول الخمسة التي للمعتزلة، ويتكلمون في أصول اليهود بما يشابه كلام المعتزلة، كما أن كثيراً من زهاد الصوفية يشبه النصارى ويسلك في زهده وعبادته من الشرك والرهبانية ما يشبه سلوك النصارى، ولهذا أمرنا الله تعالى أن تقول في صلاتنا: {اهدنا الصراط

الصفحة 94