كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 9)

كما قال في أثناء السورة: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} .
فلو كان المراد بالهداية الهداية التي يشترك فيها المؤمن والكافر، لم يقل: إن كنتم صادقين.
فإن تلك حاصلة سواء كانوا صادقين في قولهم أمناء، أولم يكونوا صادقين.
وهذا كقوله: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه} ، وأمثال ذلك مما يبين اختصاص المؤمنين بهدى ليس للكفار.
كقوله: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} .
وقوله: {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة} .
وقوله: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا} ، ومثل هذا في القرآن كثير، وليس هذا موضع بسط هذه المسألة، ولكن المقصود التنبيه على المأخذ.
فالمعتزلة يقولون إن ما يحصل بكسب العبد واختياره من المعرفة ليس مما جعله الله في قلبه.
ويقولون: إن المعرفة الواجبة لا تكون مما يقذفها الله في قلب العبد، لأن الواجب لا يكون إلا مقدوراً للعبد.
ومقدورات العباد عندهم لا يفعلها الله ولا يحدثها، ولا له عليها قدرة.
وقد يقولون: إنه لا يستحق الثواب إلا على مقدوره.

الصفحة 27