كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 9)

وقد عارضهم من ناقضهم من متكلمة الإثبات، فلم يجعل للعبد فعلاً ولا أثراً في هذا المتولدات، بل جعلها من مخلوقات الله التي لا تدخل تحت مقدور العباد ولا فعلهم، ولم يجعل للعبد فعلاً إلا ما كان في محل قدرته، وهو ما قام ببدنه، دون ما خرج عن ذلك.
والقول الوسط أن هذه الأمور التي يقال لها المتولدات حاصلة بسبب فعل العبد وبالأسباب الأخرى التي يخلقها الله.
فالشبع يحصل بأكل العبد وابتلاعه، وبما جعله الله في الإنسان وفي الغذاء من القوى المعينة علىحصول الشبع.
وكذلك الزهوق حاصل بفعل العبد وبما جعله في المحل من قبول الانقطاع، وهو سبحانه خالق للأثر المتولد عن هذين السببين، اللذين أحدهما فعل العبد، وهو خالق للسببين جميعاً.
ولهذا كان العبد مثاباً على المتولدات، والله تعالى يكتب له بها عملاً، وقد ذكر الأفعال المباشرة والمتولدة في آيتين في القرآن.
قال تعالى: {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح} ، فهذه الأمور كلها هي مما يسمونه متولداً، فإن العطش والتعب والجوع هو من المتولدات، وكذلك غير الكافر.

الصفحة 31