كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 9)

بطريق التضمن الذي يمتنع الفكاكة عنه عقلاً؟ أو بطريق إجراء الله العادة التي يمكن نقضها؟ وبكل حال فالعبد مفتقر إلى الله في أن يهديه ويلهمه رشده.
وإذا حصل له علم بدليل عقلي، فهو مفتقر إلى الله في أن يحدث في قلبه تصور مقدمات ذلك الدليل ويجمعها في قلبه، ثم يحدث العلم الذي حصل بها.
وقد يكون الرجل من أذكياء الناس وأحدهم نظراً ويعميه عن أظهر الأشياء، وقد يكون من أبلد الناس وأضعفهم نظراً ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فلا حول ولا قوة إلا به.
فمن اتكل على نظره واستدلاله، أو عقله ومعرفته، خذل.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة كثيراً ما يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» ويقول في يمينه: «لا ومقلب القلوب» .
ويقول: «والذي نفسي بيده» ويقول: «ما من قلب من قلوب العباد إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، وإن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه» .

الصفحة 34