كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 9)

طريقة أرسطو وأصحابه، حيث استدلوا بالحركة على أن حركة الفلك اختيارية، وأنه يتحرك للتشبه بجوهر غير متحرك.
وأولئك المتكلمون يقولون: إن استدلال إبراهيم بالحركة لكون المتحرك يكون محدثاً، لامتناع وجود حركات لا نهائية لها.
وكل من الطائفتين تفسد طريقة الأخرى، وتبين تناقضها بالأدلة العقلية.
وحقيقة الأمر أن إبراهيم لم يسلك واحدة من الطريقين ولا احتج بالحركة، بل بالأفول الذي هو المغيب والاحتجاب، كما قد بسط في موضع آخر.
فالآفل لا يستحق أن يعبد.
ولهذا قال {إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني} وقال {إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} وقومه كانوا مقرين بالرب تعالى، لكن كانوا مشركين به، فاستدل على ذم الشرك، لا على إثبات الصانع.
ولو كان المقصود إثبات الصانع، لكانت قصة إبراهيم حجة عليهم لا لهم، فإنه من حين بزغ الكوكب والشمس والقمر، إلى أن أفلت كانت

الصفحة 83