كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 9)

الوالد شرطا في وجود الولد، ومثل كون الغيم شرطا في وجود المطر - فلا يمتنع.
وهذا فيه نزاع معروف، وقد ذكر في غير هذا الوضع.
وليس في هذا ما ينفع الفلاسفة في قولهم بقدم الأفلاك، وإنما غايته إبطال ما يقوله من يقول بوجوب تناهي الحوادث.
وقد تقدم غير مرة أن حجة الفلاسفة باطلة على تقدير النقيضين، فإنه إذا امتنع وجود ما لا يتناهى بطل قولهم، وإن جاز وجوده لم يمتنع أن يكون وجود الأفلاك متوقفاً على حوادث قبله، وكل حادث مشروط بما قبله، كما يقولون هم في الحوادث عن علة تامة مستلزمة لمعلولها، ويقتضي أنه يلزم من قولهم أن لا يكون للحوادث فاعل، إذا كان كل حادث مشروطاً بحادث قبله.
والعلة التامة المستلزمة لمعلولها يمتنع عندهم -وعند غيرهم - أن يحدث عنها شيء بوسط أو غير وسط، لأن ذلك يقتضي تأخر شيء من معلولاتها فلا تكون تامة، بل فيها إمكان ما بالقوة لم يخرج إلى الفعل، وهو نقيض قولهم.
قال ابن رشد: وأيضاً فإن قولهم: إن الحركة المشار إليها لا تخرج إلا وقد انقضت قبلها حركات لانهاية لها، قول لا يسلمه الخصوم، فإن الخصوم: إنه لا ينقضي إلا ما له ابتداء، وما لا مبدأ له - كما

الصفحة 90