كتاب تميز الصدق من المين في محاورة الرجلين

بِهِ وَتركت مَا أَنا عَلَيْهِ وَلَكِن لَا أعرف سوى مَا أَنا عَلَيْهِ وَلَا أقدر إِلَّا عَلَيْهِ فَهُوَ غَايَة جهدي وَنِهَايَة معرفتي
وَالثَّانِي رَاض بِمَا هُوَ عَلَيْهِ لَا يُؤثر غَيره وَلَا تطلب نَفسه سواهُ وَلَا فرق عِنْده بَين حَال عَجزه وَقدرته وَكِلَاهُمَا عَاجز وَهَذَا لَا يجب أَن يلْحق بِالْأولِ لما بَينهمَا من الْفرق
فَالْأول كمن طلب الدّين فِي الفترة فَلم يظفر بِهِ فَعدل عَنهُ بعد استفراغه الوسع فِي طلبه عَجزا أَو جهلا
وَالثَّانِي كمن لم يَطْلُبهُ بل مَاتَ على شركه وَإِن كَانَ لَو طلبه لعجز عَنهُ فَفرق بَين عجز الطَّالِب وَعجز المعرض إِلَى آخر كَلَامه
فَإِذا علمت هَذَا تبين لَك أَن هَذَا الصِّنْف من الْجَهْمِية لَيْسَ كمن تمكن من الْعلم وَمَعْرِفَة الْحق بالأسباب فأعرضوا عَنهُ وأحسنوا الظَّن بِمن قلدوه وأخلدوا إِلَى أَرض الْجَهَالَة بل هم من الصِّنْف الأول المعرضين عَن طلبه رَأْسا وَلَا هم أَيْضا كَذَلِك مِمَّن عجز عَن السُّؤَال وَالْعلم الَّذِي يتمكنون بِهِ من الْهدى والمعرفة وَالْحق لعدم المرشد إِلَيْهِ بل المرشدون لهَذَا الدّين والداعون إِلَيْهِ غير معدومين وَللَّه الْحَمد والْمنَّة فَكَانَ قَول مُحَمَّد بن حسن المرزوقي فِي تَكْفِير هَذَا الصِّنْف هُوَ الْحق وَالصَّوَاب الَّذِي لَا غُبَار عَلَيْهِ وَهُوَ أَحَق بِالصَّوَابِ من حُسَيْن لما ذكرنَا

الصفحة 142