كتاب علل الدارقطني = العلل الواردة في الأحاديث النبوية (اسم الجزء: 1)

سمع ببلده خوارزم من أَبي العباس مُحمد بن أَحمد بن حمدان النيسابوري (17) في سنة خمسين وثلاثمائة (18) عندما كان عمره يربو على أَربعة عشر عاما.
ثم اشتغل بالحديث (19) وعلومه، واعتنى بها عناية فائقة، فسمع أولا في بلده ثم سافر إلى بغداد وبلدان أخرى، وسمع الحديث من جماعة من الشيوخ ببغداد وجرجان واسفرائين ونيسابور وهراة ومرو، ودمشق ومصر وغيرها (20) حتى صار في الحديث إماما (21) .
وكان شغوفا بعلم الحديث، حريصا عليه، حتى أصبع شغله الشاغل، وخشي أن يصرفه عن بَقيَّة العلوم فقال لبعض الفقهاء: ادع الله أن ينزع شهوة الحديث من قلبي، فإن حبه قد غلب علي فليس لي اهتمام بالليل والنهار إلاَّ به " أَو نحو هذا القول (22) .
ودأب في طلب الحديث وتحمل المشاق في سبيله، فهو كما يقول: " دخلت اسفرائين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم واحد، فضاعت الدنانير مني وبقي معي الدرهم حسب، فدفعته الى بقال، وكنت آخذ منه في كل يوم رغيفين، وآخذ من بشر بن أَحمد (23) جزءا من حديثه، وأدخل مسجد الجامع فأكتبه وأنصرف بالعشي، وقد فرغت منه، فكتبت في مدة شهر ثلاثين جزءا، ثم نفد ما كان لي عند البقال فخرجت عن البلد " (24) .
وقد اعتنى بعلوم أخرى فكان حافظا للقرآن، وكان له حظ من علم
__________
17 - هو: محمد بن أحمد بن حمدان، توفي سنة سنين وثلاثمائة.
شذرات الذهب 3 / 38.
18 - انظر سير أعلام النبلاء 11 / 101 / 2، وشذرات الذهب 3 / 228.
19 - طبقات الفقهاء 127.
20 - انظر تاريخ بغداد 4 / 373 - 374، سير أعلام النبلاء 11 / 101 / 2.
التذكرة 3 / 1074.
21 - طبقات الفقهاء 127.
22 - تاريخ بغداد 4 / 374.
23 - توفي سنة سبعين وثلاثمائة، شذرات الذهب 3 / 71.
24 - تاريخ بغداد 4 / 374.
(*)

الصفحة 22