كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (اسم الجزء: 3)

بهم إلا كلبًا، وكذلك في النفي نقول: ما في الدار أحد إلا حمارًا، وما مررت بأحد إلا كلبًا، وبنو تميم يجرون هذا مجرى ما هو من صفة الأول، فينصبون في الإيجاب، ويبدلون ما بعد (إلا) مما قبلها في النفي، انتهى.
وليس البدل عندهم على جهة الوجوب، بل يجيزون في النصب على الاستثناء، وإذا ترك المستثنى منه، وفرغ السابق للمستثنى كان له من الإعراب بعد (إلا) ما له بعدمها.
والتفريغ يكون في جميع المعمولات من مفعول به وغيره إلا المصدر المؤكد، ولذلك تؤول قوله تعالى: {إن نظن إلا ظنا}، واشترط ترك المستثنى منه، وهو الذي كان تسلط عليه ما يطلبه، واشترط معه تفريغ السابق، لأنه قد يترك المستثنى منه، ولكن السابق قد يفرغ لما بعد (إلا) نحو: ما قام إلا زيد إلا عمرًا، وكذلك ما قام زيد إلا عمرًا، تريد ما قام زيد، ولا غيره إلا عمرًا، والسابق أعم من أن يكون عاملاً نحو: ما قام إلا زيد، أو غير عامل نحو: ما في الدار إلا زيد.
ولا يكون التفريغ عند أكثر النحاة إلا في النفي نحو: {وما محمد إلا رسول}، والنهي نحو: {ولا تقولوا على الله إلا الحق}. والاستفهام المؤول بالنفي نحو: {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}، ومن النفي المؤول: زيد غير آكل إلا الخبز.

الصفحة 1502