كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (اسم الجزء: 3)

وحكى الأخفش عن بعض العرب أنهم جعلوا الاستثناء من المخفوض مخفوضًا فتقول: مررت بالقوم إلا بزيد، وغير الموجب ما هو منفي في المعنى، كان في اللفظ منفيًا نحو: ما قام القوم إلا زيد، ولا يضرب القوم إلا زيد، وهل قام أحد إلا زيد، وأقل رجل يقول ذلك إلا زيد، فالمختار في هذا الاتباع بدلاً عند سيبويه والبصريين، وعطفًا عند الكوفيين.
والاستفهام الحقيقي إعرابه كالنفي، وإذا كان اللفظ نفيًا، والمعنى إيجابًا، أو كان الأمر بالعكس، فالمنفي في هذا الفصل المعنى فإذا قلت: ما أكل أحد إلا الخبز إلا زيدًا، فلا يجوز في زيد إلا النصب، ولو قلت: أتاني بنو محمد إلا بنى جعفر إلا خالد، فترفعه بدلاً على التوهم، كأنك قلت: ما أتاني بنو جعفر، فلذلك قلت: إلا خالد، ومنه: أقل رجل يقول ذلك إلا زيد.
فأقل موجب في اللفظ، منفي في المعنى، فأقل مبتدأ و (زيد) بدل منه، فكأنك قلت: ما أحد يقول ذلك إلا زيد، وذكر ابن مالك في اختيار الاتباع شرطين.
أحدهما: أن يكون غير مردود به كلام تضمن الاستثناء مثاله مردودًا به: ما قام القوم إلا زيدًا، ردًا لمن قال: قام القوم إلا زيدًا، وأنت تعلم أن الأمر بخلاف ذلك فيختار عنده في هذا النصب على الاستثناء، لا البدل، وفي شرحه لكلام نفسه هذا قال: فتنصب زيدًا، ولا ترفعه، وهذا الشرط تلقفه من ابن السراج قال: قولك ما جاءني القوم، إن قدر أن الأصل: ما جاءني القوم، ثم أتى بعد ذلك

الصفحة 1507