كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (اسم الجزء: 3)

وإذا توسط المستثنى بين المستثنى منه وبين صفته نحو: ما جاءني أحد إلا زيدًا خير منك [وما مررت بأحد إلا زيد خير منك]، جاز فيه النصب على الاستثناء، والاتباع على البدل، وهو المختار عند سيبويه، وهو قول المبرد، وعن المازني اختيار النصب، وعنه اختيار البدل، وعنه وجوب النصب، وهو وهم عليه من ابن عصفور ومن صاحب النهاية: قال فيها قال أبو عثمان: يجب النصب: نزل تقديمه على الصفة منزلة تقديمه على الموصوف؛ لأنك لو أبدلت من أحد، كان في حكم المطرح، ولو وصفت لم يكن في حكم المطرح؛ لأن المبدل منه ملغي الجانب من بعض الوجوه، والموصوف ليس ملغي الجانب، فيتدافعان فلو أوقعت المستثنى بين صفتي المستثنى منه نحو: ما مررت بأحد خير من زيد إلا ابنك بر بوالديه، فالظاهر أن الخلاف قائم إلى على رأي سيبويه؛ فلأنك لم تقدمه على المستثنى، فالإبدال قائم، وإما على رأي المازني؛ فلأنك قد جئت بصفة بعد المستثنى، وإذا تأملت تعليله وجدته متجها انتهى.
ومن مثل هذه المسألة: ما لي أحد إلا زيد صديق، ومن لي إلا زيد صديق، فالرفع على البدل من (من)، و (من) مبتدأ، و (لي) خبره، ومثل سيبويه هذا بنصب (صديق) على الحال.

الصفحة 1509