كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (اسم الجزء: 3)

تقديره: لا تغتذى (إلا نهارًا) أي لا تغتذى وقتًا من الأوقات إلا نهارًا، حذف لا تغتدى وهو العامل في المستثنى المتروك، وإذا جاء بعد (إلا) فعل، أو جملة اسمية لم يقع موقعها (غير) ولو قلت: ما جاءني أحد غير زيد خير منه بخفض (زيد) على الإضافة، ورفع (غير)، على أنه خبر مبتدأ محذوف جاز. واختلف مدلول (إلا) وغير؛ لأن في مسألة (إلا) زيد خير من كل من جاءك، وفي مسألة (غير) نفيت أن يكون غير زيد خيرًا منه.
ولا يجوز تقديم معمول ما بعد (إلا) عليها نحو: ما قومك زيدًا إلا ضاربون، فإن وقع ففي الشعر، ولا معمول معمولها عليه وبعدها نحو: ما قومك إلا زيدًا ضاربين أي إلا ضاربين زيدًا، وسواء في ذلك فرغ العامل لما بعد (إلا) أم لم يفرغ هذا مذهب السيرافي، والفارسي، فلا يجيزون: ما زيد طعامك إلا آكل، وأجاز ذلك الأخفش ذكره في المسائل الكبار، ولا يعمل ما قبلها فيما بعدها إلا إن كان مستثنى، نحو: ما قام إلا زيد، أو مستثنى منه نحو: ما قام إلا زيدًا أ؛ د، أو تابعًا نحو: ما مررت بأحد إلا زيدًا خير من عمرو.
فأما مثل: ما ضرب إلا زيد عمرًا، وما ضرب إلا زيدًا عمرو، وما مر إلا زيد بعمرو، فتقدم الكلام في ذلك في الفصل الذي بذيل المفعول الذي لم يسم فاعله. ووافق الأخفش الكسائي في الحال، والظرف، والجار نحو: ما جاء إلا زيد ضاحكًا، وما آوى إلا عمرو إليك، وما حسن إلا زيد عندك.
ويستثنى (بحاشا)، ومذهب سيبويه وأكثر البصريين أنها حرف خافض دال على الاستثناء كـ (إلا) وأنشد الجوهري:

الصفحة 1532