كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (اسم الجزء: 4)

من كلامهم: جئت كي فيك أرغب، وجئتك كي إن تحسن أزورك، بنصب أرغب وأزورك، والكسائي يجيز الكلام برفع الفعلين دون نصبهما، وهذا الذي قاله ابن مالك وشرحه ابنه موافق عليه قول ثالث لم يتقدم إليه، ولا يجوز تقديم معمول منصوبها عليها، لا يجوز: جئت النحو كي أتعلم، تريد: كي أتعلم النحو، وأجاز ذلك الكسائي، ولا على المعمول لا يجوز: النحو جئت كي أتعلم، ولا يبعد أن يجرى في هذه المسألة خلاف الكسائي، لكني لم أنقله، وأجاز الكوفيون والمبرد النصب (بكما) بمعنى كيما، ومنعه البصريون، فأولوا ما ورد من سماع ذلك، واتفق الكوفيون على إجازة النصب والرفع بعدها في نحو: أزورك كما تزورني وتزورني، فالنصب (بكما) إذا كانت بتأويل (كيما)، والرفع عندهم من وجوه:
أحدها: أن تكون الكاف للتشبيه، وما مصدرية كأنه قال كزيارتك لي.
والثاني: أن يكون كما وقتًا نحو: ادخل كما يسلم الإمام، وتصرف كما يجلس الوزير؛ أي في ذلك الوقت.
والثالث: أن تقيد التشبيه، ولا تنصم (ما) إلى ما بعدها، ولا تختلط به نحو: أنا عندك كما كنت عندي، وقوله تعالى: «اجعل لنا إلها كما لهم آلهة» فكما بجملتها مفيدة للتشبيه، وما غير مختلطة بما اتصل بها من بعدها، ويعنون بكونها غير مختلطة أنها كافة.

الصفحة 1649