كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (اسم الجزء: 4)
حتى تفعل ليس بنص على أن (حتى) إذا انتصب ما بعدها تكون بمعنى (غلا أن)؛ لأن قوله ذلك تفسير معنى.
وإذا عطفت على منصوبها: فقد تظهر (أن) في المعطوف، نحو: أصحبك حتى أتعلم، وأن أسود، وما قبل حتى إما أن يكون واجبًا، أو غير واجب، إن كان غير واجب، نحو: ما سرت حتى أدخل المدينة، فالنصب، وأجاز أبو الحسن الرفع قياسًا، فقيل هي مسألة خلاف بين سيبويه وأبي الحسن، وقيل ليست مسألة خلاف، لأن الوجه الذي منع سيبويه الرفع فيه غير الوجه الذي جوز فيه الأخفش الرفع.
فالوجه الذي منع سيبويه هو أن النفي للسير لا يكون سببًا للدخول، والوجه الذي جوز الأخفش به هو أن يكون أصل الكلام واجبًا، وهو سرت حتى أدخل المدينة ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره، فينتفي أن يكون عندك سير كان عنه دخول، فكأنك قلت: ما وقع السير الذي كان سببًا لدخول المدينة، وصحح ابن عصفور قول الأخفش، وتارة أبطله.
وقد نص الأخفش على أن العرب لم ترفعه، وإنما قاله قياسًا، فكفى مؤنة الرد عليه، وقال أبو عمر في الفرخ: سمعت يونس يقول: إن من العرب من ينصب بـ (حتى) في كل شيء فهذا وجه آخر، ولغة شاذة لا ينبني الكلام عليها. انتهى.
وتقول: سرت حتى أكاد أو أدخل، قال الأخفش: ينصبه النحويون، ويجوز عندي الرفع، فأما التقليل نحو: قلما سرت حتى أدخلها، ولقلما سرت حتى أدخلها، فذلك عند سيبويه مثل: ما سرت حتى أدخلها، تنصب.
الصفحة 1663
2677