كتاب الإخاء الديني ومجمع الأديان وموقف الإسلام

وأصبح من وظيفة القرآن بالنسبة للإنجيل كذلك: أن يصحح للنصارى ما أخفاه زعماؤهم عليهم من كتاب الله ورسالته. ولذا يوجههم القرآن بنداء الله لهم في قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ (ويقصد بهم أهل الإنجيل) قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا (وهو محمد - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -) يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ (وهو الإنجيل) وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (وهو القرآن) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬1).

ومما أخفاه بعض زعماء النصارى: طلب الإيمان بوحدة الألوهية وعدم الشرك بالله سبحانه. وعندما رفع بعضهم المسيح إلى مستوى الألوهية كشف القرآن كرسالة مصححة لأخطاء أهل الكتاب عامة من كفر الاعتقاد بذلك. فيقول - جَلَّ جَلاَلُهُ -: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} (¬2).

* * *

وهكذا التوراة في حاضرها .. والإنجيل في حاضره لا يساوق أي منهما القرآن في منزلته ووظيفته. فلم يزل القرآن وحده هو صاحب الفضل في شأن الرسالة الإلهية: ما هو حق وصحيح .. وما هو محرف منها .. وما هو مبعد عنها.
¬__________
(¬1) [المائدة: 15، 16].
(¬2) [المائدة: 17].

الصفحة 10