كتاب انتقاض الاعتراض في الرد على العيني في شرح البخاري (اسم الجزء: 1)

مسلم صريح في أن أبا هريرة تحمله من النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بغير واسطة فطاح الاحتمال، وبقي النظر على حالة وهو يقتضي وهي ذلك الجواب وقوة غيره، وهذا هو المدعى.

قال (ح) في الكلام على قوله في آخر هذا الحديث: فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا، قال الكرماني: الضمير في موته يرجع إلى معاذ، ويحتمل أن يرجع إلى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -.
قال بعضهم: وأغرب الكرماني حيث جوز عود الضمير إلى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، ويرده ما رواه أحمد في مسنده بسند صحيح إلى جابر قال: أخبرني من شهد معاذًا حين حضرته الوفاة يقول: سمعت من رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - حديثًا لم يمنعني أن أحَدِّثكموه إِلَّا مخافة أن تتكلوا ... فذكر الحديث (¬293).
قال (ع) هذا لا يردّ ما قال الكرماني لأنّه يحتمل أن يكون معاذًا أخبر به
عند موت النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وأخبر به أيضًا عند موت نفسه فلا منافاة بينهما (¬294).
قلت: الرِّواية الّتي بعدها صريحة في النّهي (¬295).
قال (ع): لا نسلم أن النّهي صريح فيه، وإنّما فهم النّهي من كلّ من الحديثين بدلالة النص (¬296).
قلت: لا صراحة في الأوّل، وأمّا الثّاني فلفظه قال: ألا أبشر النَّاس؟ قال: "لاِ إِنِّي أخَافُ أن يَتِّكِلُوا" فقوله: "لا"، في جواب المعرض نفي، وقد قال هذا المعترض في آخر كلامه على هذا الحديث: قوله: قال-: "لَا أَخَافُ
¬__________
(¬293) فتح الباري (1/ 226).
(¬294) عمدة القاري (2/ 208).
(¬295) فتح الباري (1/ 227).
(¬296) عمدة القاري (2/ 208)

الصفحة 154