كتاب العقد الفريد (اسم الجزء: 2)
فإذا ولّى أبو دلف ... ولّت الدنيا على أثره
فقال: يا أمير المؤمنين، شهادة زور، وكذب شاعر، وملق مستجد «1» ؛ ولكني الذي يقول فيه أبن أخيه:
ذريني أجوب الأرض في طلب الغنى ... فما الكرخ بالدنيا ولا الناس قاسم
الكرخ: منزل أبي دلف. وكان اسمه قاسم بن عبد الله.
المنصور ومعن بن زائدة:
وقال المنصور لمعن بن زائدة: ما أظنّ ما قيل عنك من ظلمك أهل اليمن واعتسافك عليهم إلا حقا؟ قال: كيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: بلغني عنك أنك أعطيت شاعرا لبيت قاله ألف دينار. وأنشده البيت، وهو:
معن بن زائدة الذي زيدت به ... فجرا إلى فجر بنو شيبان
قال: نعم يا أمير المؤمنين، قد أعطيته ألف دينار، ولكن على قوله:
ما زلت يوم الهاشميّة معلما ... بالسيف دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وقاءه ... من وقع كلّ مهنّد وسنان
قال: فاستحيا المنصور وجعل ينكت «2» بالمخصرة، ثم رفع رأسه وقال: اجلس أبا الوليد.
عبد الملك وأعرابي سرق:
أتي عبد الملك بن مروان بأعرابيّ سرق، فأمر بقطع يده، فأنشأ يقول:
يدي يا أمير المؤمنين أعيذها ... بعفوك أن تلقى مكانا يشينها
ولا خير في الدنيا وكانت حبيبة ... إذا ما شمالي فارقتها يمينها
فأبى إلا قطعه؛ فقالت أمه: يا أمير المؤمنين، واحدي وكاسبي. قال: بئس
الصفحة 40
391