كتاب العقد الفريد (اسم الجزء: 2)

لحبيب:
فوقّع أبو جعفر على كل بيت منها: صدقت صدقت. ثم دعا به وألحقه في خاصته. وقال حبيب الشاعر في هذا المعنى:
وإنّ أولى الموالي أن تواسيه ... عند السرور لمن واساك في الحزن
إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في الموطن الخشن
حسن التخلص من السلطان
العباس بن سهل وعثمان بن حيان:
أبو الحسن المدائني قال: كان العباس بن سهل والي المدينة لعبد الله بن الزبير، فلما بايع الناس عبد الملك بن مروان، ولّى عثمان بن حيّان المرّي وأمره بالغلظة على أهل الظنّة «1» . فعرض يوما بذكر الفتنة وأهلها، فقال له قائل: هذا العباس بن سهل على ما فيه، كان مع الزبير وعمل له. فقال عثمان بن حيّان: ويلي! والله لأقتلنّه.
قال العبّاس: فبلغني ذلك، فتغيّبت حتى أضرّ بي التغيّب، فأتيت ناسا من جلسائه فقلت لهم: مالي أخاف وقد أمّنني عبد الملك بن مروان؟ فقالوا: والله ما يذكرك إلا تغيّظ عليك، وقلّما كلّم على طعامه في ذنب إلا انبسط، فلو تنكّرت وحضرت عشاءه وكلمته.
قال: ففعلت، وقلت على طعامه، وقد أتي بجفنة ضخمة ذات ثريد ولحم: «والله لكأني أنظر إلى جفنة حيّان بن معبد، والناس يتكاوسون «2» عليها، وهو يطوف في حاشيته يتفقّد مصالحها، يسحب أردية الخزّ، حتى إن الحسك ليتعلق به فما يميطه «3» ، ثم يؤتى بجفنة تهادى بين أربعة ما يستقلّون بها إلا بمشقّة وعناء، وهذا بعد ما يفرغ الناس من الطعام ويتنّحون عنه، فيأتي الحاضر من أهله، والطاريء من أشراف

الصفحة 42