كتاب العقد الفريد (اسم الجزء: 2)

ودخل معن بن زائدة على أبي جعفر، فقال له كبرت يا معن. قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين. قال: وإنك لجلد! قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين. قال: وإنّ فيك لبقيّة. قال هي لك يا أمير المؤمنين. قال: أي الدولتين أحب إليك أو أبغض، أدولتنا أم دولة بني أمية؟ قال: ذلك إليك يا أمير المؤمنين، إن زاد برك على برهم كانت دولتك أحبّ إليّ، وإن زاد برهم على برك كانت دولتهم أحبّ إليّ. قال: صدقت.
قال هارون الرشيد لعبد الملك بن صالح، أهذا منزلك؟ قال: هو لأمير المؤمنين ولي به. قال: كيف ماؤه؟ قال: أطيب ماء. قال: فكيف هواؤه؟ قال: أصحّ هواء.
قال أبو جعفر المنصور لجرير بن يزيد: إني أردتك لأمر. قال: يا أمير المؤمنين قد أعدّ الله لك مني قلبا معقودا بطاعتك، ورأيا موصولا بنصيحتك، وسيفا مشهورا على عدوّك؛ فإذا شئت فقل.
وقال المأمون لطاهر بن الحسين: صف لي ابنك عبد الله. قال: يا أمير المؤمنين إن مدحته عبته، وإن ذممته اغتبته، ولكنه قدح «1» في كفّ مثقّف ليوم نضال في خدمة أمير المؤمنين.
وأمر بعض الخلفاء رجلا بأمر؛ فقال: أنا أطوع لك من الرّداء، وأذلّ لك من الحذاء.
وقال آخر: أنا أطوع لك من يدك، وأذلّ لك من نعلك.
وهذا قاله الحسن بن وهب لمحمد بن عبد الملك الزيات.
وقال المنصور لمسلم بن قتيبة: ما ترى في قتل أبي مسلم؟ قال: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا
«2» . قال: حسبك أبا أمية.
وقال المأمون ليزيد بن مزيد: ما أكثر الخلفاء في ربيعة! قال: بلى، ولكنّ منابرهم الجذوع.

الصفحة 9