حَوْلَها
«1» ، وأما قوله تعالى: النَّبِيَّ الْأُمِّيَ
«2» ، فإنما أراد به الذي لا يقرأ ولا يكتب، والأمّيّة في النبي صلّى الله عليه وسلم فضيلة: لأنها أدلّ على صدق ما جاء به أنه من عند الله لا من عنده، وكيف يكون من عنده وهو لا يكتب ولا يقرأ ولا يقول الشعر ولا ينشده؟
المأمون والمنقرى:
قال المأمون لأبي العلاء المنقرى: بلغني أنك أمّيّ، وأنك لا تقيم الشعر. وأنك تلحن في كلامك! فقال: يا أمير المؤمنين، أما اللحن فربما سبقني لساني بالشيء منه، وأما الأمّيّة وكسر الشعر فقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم أمّيّا، وكان لا ينشد الشعر. فقال المأمون: سألتك عن ثلاثة عيوب فيك فزدتني رابعا، وهو الجهل، أما علمت يا جاهل أن ذلك في النبي صلّى الله عليه وسلم فضيلة وفيك وفي أمثالك نقيصة.
شرف الكتاب وفضلهم
فمن فضلهم قول الله تعالى على لسان نبيه صلّى الله عليه وسلم: عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ
»
، وقوله تعالى: كِراماً كاتِبِينَ
«4» ، وقوله: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ
«5» .
وللكتّاب أحكام بيّنة كأحكام القضاة يعرفون بها وينسبون إليها ويتقلدون التدبير وسياسة الملك دون غيرهم، وبهم يقام أود الدين وأمور العالمين.
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم:
فمن أهل هذه الصناعة: علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان مع شرفه ونبله وقرابته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم يكتب الوحي، ثم أفضت عليه الخلافة بعد الكتابة،