كتاب العقد الفريد (اسم الجزء: 4)

الأماكن المتباينة، والبلدان المتفرّقة، وتدرس في كل عصر وزمان، وبكلّ لسان؛ واللسان وإن كان ذلقا فصيحا لا يعدو سامعه ولا يجاوزه إلى غيره.
البلاغة
قال سهل بن هارون: سياسة البلاغة أشدّ من البلاغة.
وقيل لجعفر بن يحيى بن خالد: ما البلاغة؟ قال: التقرّب من المعنى البعيد، والدلالة بالقليل على الكثير.
وقيل لابن المقفع: ما البلاغة؟ قال: قلة الحصر، والجراءة على البشر. قيل له: فما العيّ؟ قال: الإطراق من غير فكرة، والتنحنح من غير علة.
وقيل لآخر: ما البلاغة؟ قال: تطويل القصير، وتقصير الطويل.
وقيل لأعرابي: ما البلاغة؟ فقال: حذف الفضول، وتقريب البعيد.
وقيل لأرسطاطاليس: ما البلاغة؟ فقال: حسن الاستعارة.
وقيل لجالينوس: ما البلاغة؟ فقال: إيضاح المعضل، وفك المشكل.
وقيل للخليل بن أحمد: ما البلاغة؟ فقال: ما قرب طرفاه، وبعد منتهاه.
وقيل لخالد بن صفوان: ما البلاغة؟ قال: إصابة المعنى، والقصد للحجة.
وقيل لآخر: ما البلاغة؟ قال: تصوير الحق في صورة الباطل، وتصوير الباطل في صورة الحق.
وقيل لإبراهيم الإمام: ما البلاغة؟ فقال: الجزالة والإصابة.
تضمين الأسرار في الكتب
وأمّا تضمين الأسرار في الكتب حتى لا يقرؤها غير المكتوب إليه، ففيه أدب يجب معرفته، وقد تعلقت العامّة بكتاب القمّيّ والأصبهانيّ.
الأصبهاني: وكان أبو حاتم سهل بن محمد قد وصف لي منه أشياء جليلة من تبديل

الصفحة 272